-A +A
عبدالرزاق عبدالواحد
لا تطرُقِ الباب.. تَدري أنهم رَحَلوا

خُذِ المَفاتيحَ وافتـَحْ، أيـُّها الرَّجُلُ


أدري سَتذهَبُ.. تَستقصي نَوافِذَهُم

كما دأبْتَ.. وَتـَسعى حَيثـُما دَخَلـُوا

تـُراقِبُ الزّاد.. هل نامُوا وَما أكـَلوا

وَتـُطفئُ النّور.. لو.. لو مَرَّةً فـَعَلوا

وَفيكَ ألفُ ابتِهـالٍ لو نـَسُـوهُ لكي

بِـِهم عيونـُكَ قـَبلَ النـَّومِ تـَكتَحِلُ

* * *

لا تـَطرُقِ الباب.. كانوا حينَ تَطرُقـُها

لا يـَنزلونَ إلـيهـا.. كنتَ تـَنفـَعِلُ

وَيـَضحَكون.. وقد تقسُـو فـَتـَشتمُهُم

وأنتَ في السِّـرِّ مَشبوبُ الهـَوى جَذِلُ

حتى إذا فـَتَحوها، والتـَقـَيْتَ بِهـِم

كادَتْ دموعـُكَ فـَرْطَ الحُبِّ تـَنهَمِلُ

* * *

لا تـَطرُقِ الباب.. مِن يَومَين تَطرُقـُها

لكنـَّهم يا غـَزيرَ الشـَّيبِ ما نـَزَلوا

سَتـُبصِرُ الغـُرَفَ البَـكمـاءَ مُطفـَأةً

أضواؤهـا.. وبَـقاياهـُم بها هـَمَـلُ

قـُمصانـُهُم.. كتبٌ في الرَّفِّ.. أشْرِطـَةٌ

على الأسـِرَّةِ عـافـُوها وَما سَـألوا

كانَتْ أعـَزَّ عليهـِم من نـَواظـِرهـِم

وَهـا علـَيها سروبُ النـَّمْلِ تـَنتَـقِلُ

وَسَوفَ تَلقى لـُقىً.. كَم شاكـَسوكَ لِكَي

تـَبقى لهم.. ثمَّ عافـُوهـُنَّ وارتـَحَلوا

خـُذْها.. لمـاذا إذنْ تـَبكي وَتـَلثمـُها؟

كانـَت أعَـزَّ مُنـاهـُم هـذهِ القـُبَـلُ

* * *

يا أدمـُعَ العَين.. مَن منكـُم يُشـاطِرُني

هـذا المَسـاء، وَبـَدْرُ الحُزنِ يَكتـَمِلُ؟

هـا بَيتيَ الواسـِعُ الفـَضفاضُ يَنظرُ لي

وَكلُّ بـابٍ بـِهِ مِزلاجـُهـا عـَجـِلُ

كـأنَّ صـَوتاً يـُناديـني، وأسـمَعـُهُ

يا حارِسَ الدّار.. أهلُ الدارِ لن يـَصِلوا